ترامب وممداني… لماذا يخشى الرئيس الأميركي صعود “اليسار المسلم” في نيويورك؟
في تصريح لافت وغير مسبوق لرئيس أميركي وهو في سدة الحكم، شنّ دونالد ترامب هجومًا لاذعًا على المرشح لرئاسة بلدية نيويورك، زهران ممداني، واصفًا إياه بـ”المجنون الشيوعي”، ومتوعدًا بـ”إنقاذ نيويورك وجعلها عظيمة من جديد”.
لم يكن هذا التصريح مجرد خروج عن السياق الانتخابي المحلي، بل يحمل في طياته إشارات واضحة إلى مخاوف أعمق لدى ترامب من تحولات جذرية قد تعصف بنفوذ اليمين الأميركي في المدن الكبرى.
مَن هو زهران ممداني؟
ينتمي زهران ممداني إلى جيل جديد من السياسيين الأميركيين الذين يجمعون بين الهوية التعددية والرؤية التقدمية الجذرية.
هو نائب ديمقراطي في الجمعية العامة لولاية نيويورك، ابن المخرج السينمائية الشهيرة ميرا ناير والأكاديمي المعروف محمود ممداني.
يحمل مشروعًا يساريًا يستهدف إعادة هيكلة أولويات المدينة لمصلحة العدالة الاجتماعية والسكن والتعليم والمناخ، وقد أثبت حضوره الشعبي في أحياء نيويورك ذات التنوع العرقي والديني.
ترامب… ولماذا القلق؟
ترامب لا يهاجم ممداني لشخصه فقط، بل لما يمثله: يساري، مسلم، مهاجر، تقدّمي — وهي جميعها صفات تتناقض مع خطاب ترامب الذي يستند إلى الهوية البيضاء المحافظة والاقتصاد النيوليبرالي.
وإذا نجح ممداني في سباق البلدية، فسيكون ذلك نصرًا رمزيًا كبيرًا لليسار التقدمي، وضربة مباشرة لنموذج ترامب في معقله الاقتصادي والإعلامي: مدينة نيويورك.
هل يخشى ترامب “اليسار المسلم”؟
الهجوم الذي شنّه ترامب ليس وليد اللحظة. فالرئيس الأميركي يواصل منذ عودته إلى البيت الأبيض استخدام خطاب معادٍ للمسلمين والمهاجرين والتقدميين.
لكن حالة زهران ممداني مختلفة، لأنه يمثل التقاءً بين الإسلام السياسي المعتدل، والنشاط الاجتماعي اليساري، والشباب المدني المنظم.
ويبدو أن ترامب يدرك تمامًا أن هذا النموذج قد يتمدد إلى مدن وولايات أخرى، مهددًا مشروعه الانتخابي على المدى المتوسط والبعيد.
نيويورك… ساحة معركة سياسية
في ضوء تصريحاته، يبدو أن ترامب يحاول “استعادة” نيويورك سياسيًا، بعدما خسرها انتخابيًا مرات متتالية.
هو يعلم أن الفوز برئاسة بلدية نيويورك من قبل شخصية مثل ممداني، سيمثل انتصارًا رمزيًا عابرًا للحدود، وسيمنح اليسار جرعة جديدة من الثقة في مواجهة النظام القائم.
الخلاصة:
خلف تغريدة ترامب الغاضبة، تكمن معركة أعمق بين أميركا متعددة الهويات التي يمثلها زهران ممداني، وأميركا الشعبوية المحافظة التي يمثلها دونالد ترامب.
صعود “اليسار المسلم” في نيويورك يضع الرئيس الأميركي أمام تحدٍ استراتيجي جديد: هل ستبقى المدن الكبرى خارج سيطرته، أم ينجح في شيطنة خصومه وجرّ الناخبين إلى معسكر الخوف؟
المعركة بدأت… وزهران ممداني أصبح عنوانها الأبرز.
