بعد سنوات من الغياب عن البرامج الحوارية الفنية، عاد الإعلامي اللبناني نيشان إلى الشاشة ببرنامج جديد “نيشان أكس”، في محاولة لاستعادة حضوره في هذا النوع من البرامج الذي شكّل يومًا علامة فارقة في مسيرته الإعلامية. إلا أن هذه العودة، وبعد عرض أول حلقتين فقط، بدت باهتة إلى حدٍّ كبير، وأقل بكثير من مستوى التوقعات المرتبطة باسم نيشان وتاريخه.
المشكلة لا تقتصر على فحوى الحوارات فقط، بل تبدأ من الشكل العام للبرنامج. فالكلفة الإنتاجية بدت متواضعة بشكل لافت، لا تعكس عودة إعلامي بحجم نيشان، ولا توحي بأي مجهود استثنائي. الديكور جاء فقيرًا، تقليديًا، ويفتقد إلى هوية بصرية واضحة، ما أعطى انطباعًا بأن البرنامج أُنجز بأدوات محدودة ومن دون رؤية إخراجية متكاملة.
أما على مستوى المضمون، فالحوارات جاءت ضعيفة، بعيدة كل البعد عن العمق الفني. الأسئلة بدت مستهلكة، وبعض الفقرات عادية إلى حدٍّ ممل، لا تحمل عنصر التشويق ولا تفتح مساحات حوارية حقيقية تهم الجمهور أو تضيف شيئًا جديدًا إلى أرشيف اللقاءات الفنية.
اللافت أن البرنامج يركّز على مواضيع جانبية لا تمسّ جوهر التجربة الفنية للضيوف، ولا تطرح قضايا فنية أو إنسانية ذات قيمة. غاب النقاش الحقيقي، وغابت الجرأة، وحضر بدلًا منها حوار آمن، فارغ من الصدام الفكري أو الطرح المختلف، ما أفقد البرنامج روحه منذ حلقاته الأولى.
الأكثر إرباكًا أن نيشان، المعروف بحضوره القوي وأسلوبه الذكي في إدارة الحوار، بدا مقيّدًا بإطار ضعيف، سواء على مستوى الإعداد أو الإخراج، وكأن البرنامج لا يمنحه المساحة الكافية لإبراز إمكانياته الإعلامية الحقيقية.
حتى اللحظة، يمكن القول إن البرنامج لم يقدّم أي إضافة فعلية إلى البرامج الحوارية الفنية، لا من حيث الشكل ولا من حيث المضمون، وبدا أقرب إلى تجربة عابرة تفتقر إلى الرؤية والهوية، بدل أن تكون عودة مدروسة لإعلامي لطالما اعتُبر من أبرز مقدّمي هذا النوع من البرامج في العالم العربي.
حتى الآن، يبدو أن البرنامج لم ينجح في استعادة “روح نيشان” الحوارية، تلك التي صنعت فارقًا في مسيرته الإعلامية. ويبقى الرهان على الحلقات المقبلة، علّها تحمل مراجعة في الشكل والمضمون، وتعيد للبرنامج هويته الحقيقية، وتُثبت أن هذه العودة ليست مجرد حضور إعلامي، بل عودة تحمل قيمة مضافة فعلية.
