لبنان يبدأ رحلة التعافي: دور عربي ودولي بارز في دعم الإعمار والمستقبل

رئيس التحرير| كاتب وباحث سياسي
بعد حرب شرسة شنّها العدو الإسرائيلي على لبنان على خلفية مساندته لغزة، بدأت ملامح التعافي تظهر تدريجيًا في لبنان. ورغم أن وقف إطلاق النار كان بمثابة فسحة أمل للبنانيين، إلا أن المشهد لم يخلُ من تعقيدات، إذ التزم لبنان بالقرار الدولي لوقف الأعمال العدائية، بينما استمر العدو الإسرائيلي بانتهاكاته المتكررة بشكل فاضح.
انتخاب رئيس للجمهورية وحكومة جديدة
في خطوة مفصلية لاستعادة الاستقرار السياسي، تمكن لبنان من انتخاب رئيس جديد للجمهورية بعد أشهر من الفراغ الدستوري، تلاها تكليف رئيس للحكومة الجديدة. ومع بوادر تسهيل تشكيل الحكومة، تعززت الآمال بإعادة إطلاق عجلة العمل المؤسساتي، ما يفتح الباب أمام معالجة الأزمات الاقتصادية والاجتماعية التي تعصف بالبلاد.
اهتمام دولي بلبنان
شهدت بيروت حراكًا دبلوماسيًا لافتًا في الأسابيع الماضية، حيث زارها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، مؤكدًا دعم فرنسا للبنان في هذه المرحلة الدقيقة. كما استقبلت العاصمة اللبنانية وزراء خارجية دول أوروبية وعربية، في تأكيد على أهمية لبنان في المعادلات الإقليمية والدولية. ولم تقتصر الزيارات على المسؤولين السياسيين، بل شملت أيضًا الأمين العام للأمم المتحدة، الذي شدد على ضرورة تقديم الدعم للبنان في إعادة الإعمار ومساعدة اللاجئين.
التضامن الوطني
في ظل هذه المرحلة الحرجة، يبرز التضامن الوطني كعامل حاسم في دعم عملية التعافي. التكاتف بين جميع المكونات اللبنانية بمختلف طوائفها ومناطقها يُعد ضرورة قصوى لضمان تجاوز الأزمات الراهنة. التعاون بين المؤسسات الحكومية والمجتمع المدني والقطاع الخاص يشكل ركيزة أساسية لتحقيق استقرار داخلي يعزز من قدرة لبنان على استقطاب الدعم الخارجي والاستفادة القصوى منه. كما أن تعزيز الثقة بين الشعب ومؤسساته يمثل خطوة مهمة نحو بناء مستقبل أفضل.
الدور العربي: السعودية في الواجهة
يظل الدور العربي محوريًا في دعم لبنان، خصوصًا مع الأهمية الكبيرة التي توليها المملكة العربية السعودية لاستقرار هذا البلد. المملكة، التي لطالما كانت شريكًا أساسيًا للبنان، تستطيع أن تلعب دورًا رياديًا في حشد الدعم المالي واللوجستي لاستكمال عملية الإعمار. ويشمل ذلك تمويل المشاريع التنموية والبنى التحتية، إلى جانب توفير الدعم السياسي لمواقف لبنان في المحافل الدولية.
الحاجة لدعم الأشقاء العرب
لبنان، الذي كان دومًا حاضنًا لقضايا الأمة العربية، يمر اليوم بمرحلة دقيقة تستدعي وقوف الأشقاء العرب إلى جانبه. دعم الإعمار ليس فقط مسؤولية أخلاقية تجاه بلد نُكب بحرب مدمرة، بل هو أيضًا استثمار في استقرار المنطقة ككل. وكما كان لبنان بوابة للتواصل الثقافي والاقتصادي بين الشرق والغرب، فإن استقراره سيكون ركيزة لإعادة تفعيل هذا الدور.
آفاق المستقبل
التحديات التي تواجه لبنان ضخمة، لكن الفرص لا تزال قائمة. بفضل التكاتف العربي والدولي، يستطيع لبنان أن يخرج من هذه الأزمة أقوى وأكثر صلابة. الخطوات السياسية الإيجابية، إلى جانب الدعم المالي لإعادة الإعمار، ستعزز مناعته الاقتصادية والاجتماعية، وتعيده إلى دوره المحوري كمنارة للثقافة والانفتاح في المنطقة.
في الختام، لبنان بحاجة اليوم إلى وحدة داخلية وإلى دعم خارجي يعزز صموده. المملكة العربية السعودية وباقي الأشقاء العرب مدعوون للوقوف إلى جانبه، لأن لبنان القوي هو قوة مضافة للأمة العربية جمعاء.