احذروا من الطابور الخامس في الطائفة الشيعية / غسان همداني

كاتب وباحث سياسي
الطابور الخامس مصطلح جديد ظهر في القرن التاسع، لكنه كان موجوداً ومعمولاً به لدى القادة العسكريين الذين تنبهوا إلى أهمية التأثير على الناس وحشدهم، ونشر الاشاعات ليسهل احتلال المدن والناس، ومفهوم الطابور الخامس يُطلق على الأفراد العاديين الذين يستطيعون بث الاشاعات والفوضى داخل المدن أو الدول، تمهيداً للغزو المباشر، أو لتمرير مشروع ما يريده العدو أو من يدور في فلكه.
قد يكون الطابور الخامس يعمل دون إدراك أو وعي أو فهم أنه يؤدي مهمة مرسومة له من خلال تنفيذ مصالح جهات مستفيدة، وقد تكون بحسن نية أو من خلال نظرة ضيقة للأمور، لكنها تدار أو تُسير من خلال أُناس مدربين ولديهم خبرة في هذا المجال، ويعملون وفق مخطط مرسوم.
ما جرى بالأمس على طريق المطار والاعتداء على قوة الطوارئ الدولية، وقطع الطرقات في منطقتي سليم سلام والرينغ وغيرهما لا يخرج عما ورد أعلاه، وهو عمل مشبوه، الغاية منه استغلال غضب بعض الناس من منع الطائرة الإيرانية القادمة من طهران وعلى متنها زواراً لبنانيين من الهبوط في مطار بيروت، وإظهار الشيعة كأنهم خارجون عن القانون، وأنهم يهددون السلم الأهلي، كما حصل منذ فترة مع دخول الدراجات النارية إلى مناطق الجميزة وغيرها وهتاف “شيعة شيعة”، وطبعاً اتهام كل من حزب الله وحركة أمل أنهما وراء هذا الأمر وتحميلهما المسؤولية ، وما أورده نائب القوات رازي الحاج على صفحته في منصة x برسالته إلى رئيس مجلس النواب إلا دليل على جهوزية الاتهام.
في العلم الجنائي عند وقوع جريمة يبحث المحققون عن المستفيد أو المستفيدين منها، وهنا نسأل من المستفيد من وراء هذا التصرف الذي حصل بالأمس.
حزب الله؟ وهل معقول أن الحزب الذي يستعد لتشييع أمينيه العامين يوم الأحد في 23 شباط من المدينة الرياضية وهو الذي يريد لهذا التشييع أن يكون جامعاً وحاشداً بوارد أن يفتعل اشكالاً أمنياً أو يعمل على توتير الساحة والذهاب إلى مواجهة مع القوى الأمنية والمجتمع الدولي من خلال الاعتداء على قوة الطوارئ الدولية، على العكس فالحزب يُسهل عملها وعمل الجيش اللبناني في الجنوب لإخراج المحتل الإسرائيلي في 18 شباط، وما هي مصلحة الثنائي الوطني من الاصطدام مع العهد والحكومة وقد حقق مبتغاه وفرض شروطه في تسمية الوزراء الشيعة، وأثبت للجميع أنه ما زال بكامل قوته وعافيته ولا يمكن تجاوزه.
فلنبحث عن المستفيد، المستفيد هو المتضرر من انسحاب العدو الإسرائيلي في 18
شباط، وعلى رأسهم العدو نفسه الذي ما زال يحاول تمديد الاحتلال حتى 28 شباط مع احتمال التمديد أيضاً، وأيضاً من راهن لا بل أعلن بكل صفاقة أن الثنائي الوطني انتهى، وأنه يمكن تشكيل حكومة بدونه، ومن أعلن عدم مشاركته في الحكومة في حال أُعطيت وزارة المالية للثنائي، ولم يحصل على ما كان يطمح إليه، أو يصدر الأوامر لتنفيذه.
المستفيد من يريد أن يظهر أن المطار لم يعد آمناً لأنه يقع في منطقة يسيطر عليها الثنائي، وأنه بات من الضروري فتح مطارات في أكثر من منطقة، وكأن لبنان تتجاوز مساحته مئات الآلاف من الكيلومترات المربعة، وظهر الأمر بوضوح من قبل التيار الوطني الحر والقوات وغيرهما.
المطلوب من القوى الأمنية أن تضرب بيد من حديد على أيدي مثيري الشغب، واتخاذ أقسى العقوبات بحقهم، كذلك المطلوب من الثنائي الوطني المبادرة ليس لرفع الغطاء عن هؤلاء فحسب بل المبادرة إلى تطهير الصفوف من العناصر غير المنضبطة، ونبذهم من البيئة الحاضنة للثنائي وقطع الطريق على الطابور الخامس وعلى المصطادين في المياه العكرة.