الرعاية الصحية الأولية في لبنان: ركيزة الصمود الصحي ودور ريادي للدكتورة رندة حمادة. / نادين خزعل.
في ظل أزمات متراكمة مرت بها البلاد، من انهيار اقتصادي إلى توترات أمنية وضغط سكاني متزايد بسبب النزوح، أثبتت مراكز الرعاية الصحية الأولية في لبنان أنها تشكل العمود الفقري للنظام الصحي، لا سيما للفئات الأكثر هشاشة. وبرز دور رئيسة دائرة الرعاية الصحية الأولية في وزارة الصحة العامة، الدكتورة رندة حمادة، كأحد الأعمدة الأساسية في الحفاظ على هذا القطاع وتطويره رغم التحديات.
تعتبر دائرة الرعاية الصحية الأولية بنية متماسكة لخدمة الجميع، إذ يضم لبنان اليوم 326 مركزًا للرعاية الصحية الأولية موزعة على مختلف المناطق، تقدم خدمات طبية متكاملة تشمل طب العائلة، طب الأطفال، طب الأسنان، الكشف النسائي، الفحوصات المخبرية والشعاعية، بالإضافة إلى تأمين أدوية الأمراض المزمنة بأسعار رمزية والتلقيح المجاني. وتخضع هذه المراكز لأنظمة اعتماد ما يضمن جودة الخدمة وسلامة المريض.
منذ توليها رئاسة الدائرة، لعبت الدكتورة رندة حمادة دورًا محوريًا في: توسيع شبكة المراكز والوصول إلى المناطق المهمشة وتأمين اللقاحات والأدوية من خلال شراكات مع اليونيسف ومنظمة الصحة العالمية وغيرها بالإضافة إلى تفعيل الشراكات الدولية لضمان التمويل والدعم التقني.
خلال العدوان الإسرائيلي الأخير على لبنان اضطلعت مراكز الرعاية الصحية الأولية بدور إنساني حاسم في خدمة النازحين، إذ قدمت الإسعافات والخدمات الطبية الأساسية، اللقاحات، والأدوية، ونسّقت مع منظمات إنسانية لتوفير الرعاية والدعم النفسي. وقد شكّلت هذه المراكز الملاذ الصحي الأول للنازحين، وساهمت في تعزيز صمودهم في مواجهة آثار الحرب والتهجير.
على صعيد المبادرات النوعية كان آخرها مشروع الكشف المدرسي ومشروع “عسلامة”.
ضمن استراتيجية الوقاية المبكرة، أطلقت الدائرة مشروع الكشف الطبي المدرسي بالتعاون مع وزارة التربية، الذي يشمل فحوصات طبية دورية لتلامذة المدارس الرسمية، ما يسهم في الكشف المبكر عن المشكلات الصحية وتحسين التحصيل الدراسي.
أما مشروع “عسلامة” فيمكن وصفه بأنه حملة توعوية وطنية ترتكز على التثقيف الصحي الميداني والإعلامي، مستهدفة مختلف فئات المجتمع برسائل صحية مبسطة.
والسؤال الذي يطرح نفسه اليوم: ما هو مستقبل الرعاية الأولية؟
العين هي على تعزيز الاستدامة والتغطية، إذ رغم الأزمات، تواصل مراكز الرعاية الصحية الأولية دورها بفعالية، وتسعى الدائرة إلى توسيع نطاق التغطية، تطوير البنية التحتية، وتحسين جودة الخدمات، بالتوازي مع العمل على دمج هذه المراكز ضمن استراتيجية التغطية الصحية الشاملة التي تطمح إليها وزارة الصحة.
في ظل كل هذه التحديات، يبقى القطاع الصحي الأولي في لبنان نموذجًا يحتذى به في الصمود، والمثابرة، والفعالية… والفضل يعود في جزء كبير منه إلى قيادة نسائية حكيمة وشجاعة اسمها الدكتورة رندة حمادة.
