لن ننكسرَ وإن انكسرَ العيد../ نادين خزعل
6 حزيران 2025….
لم يُشرق صباح العيد في الضاحية الجنوبية على ضحكات الأطفال، على رائحة الحلوى في الأزقة، على زحمة الأهل، فالليل امتدّ على مساحات الوجل…
هنا الضاحية الجنوبية..
هنا أطفال لا يسألون عن ثياب العيد، فالعدو أحال سؤالهم: هل سنعود إلى بيتنا؟
ستعودون أيها الصغار ولكن لا ندري إن كنا سنجد المنزل….
وعيد بأيّ حال عاد؟ مجبولًا برائحة البارود، مخضبًا بالدماء، ومجللًا بالخوف، لكنه مكلل بالكرامة…
في الضاحية، صامدون بالكاد أنهوا ترميم ما تهدّم، وجمع ما تناثر من حجارة البيوت المنكوبة، عاد الصاروخ ليقصف، ليهدم، ليخلّف وجعًا فوق وجع.
لم يلتئم الجرح بعد، ولم ينته الحزن، ولم يُخلع السواد….
نساءٌ كنّ يعلّقن الزينة على أمل بسيط بفرحة مستقطعة تعلقن بحبال دموعهنّ..
رجالٌ كانوا يصلّحون أبواب البيوت، راحت الأبواب وراحت البيوت.
أطفالٌ كانوا ينتظرون العيدية، وجدوا أنفسهم في حضن أمهات مرتجفات، خارج أسرّتهم، على الطرقات…
طلاب كانوا يحتفلون بتخرّجهم من مدرستهم، تناثرت شهاداتهم مع قبعاتهم والنار والدمار….
حارة حريك، الكفاءات، الرويس، الحدت..هنا الضاحية الجنوبية، هذه الرقعة من الأرض التي تتخضب فيها الحروب مع الصبر.
العدو متربص بأهلها.. لا يريدهم أن يفرحوا، لا يريدهم أن يتنفسوا الصعداء، لا يريد أن تمر لحظة دون أن يذكّرهم بأنه حاضرٌ، غادرٌ، متربّص.
العيد تلاشى…
لم يُذبح فيه إلا الكبرياء..
لم يُضحَّ فيه إلا بالأمن..
لم يُقدَّم فيه إلا المزيد من الوجع، والدموع، والأسى. وحتى التكبيرات التي ارتفعت مع فجر اليوم، كانت مبلّلة بالحزن، تختنق مع كل صرخة أم، مع كل أنين جريح، مع كل منزل تداعى تحت الركام.
نحن لا ننسى. وربما لا نُشفى. لكننا نكابر، ونبني، ونُعيد الوقوف كلما سقطنا. لأننا لم نختر أن نكون في هذه الجغرافيا الجريحة، لكننا اخترنا أن نحبها، وأن نصونها، وأن لا ننكسر، حتى وإن تكسّر العيد.
