بيان نعيم قاسم يرسم سيناريوهات المواجهة: لا حياد… وكل الخيارات مفتوحة
بقلم: محمد غالب غزالة
في خطاب بالغ اللهجة والدلالة، رسم نائب الأمين العام لحزب الله، الشيخ نعيم قاسم، معالم المرحلة المقبلة في ضوء العدوان الأميركي–الإسرائيلي على الجمهورية الإسلامية الإيرانية، كاشفًا عن سيناريوهات متعددة تبدأ بالموقف المبدئي وتنتهي بإمكانية الانخراط في المواجهة، إذا اقتضى الأمر.
“لسنا على الحياد”… الرسالة الأولى والأوضح
جاءت عبارة “لسنا على الحياد” كرسالة محورية تختصر الموقف: حزب الله لن يقف متفرجًا في حال تطورت الحرب على إيران. هذه الجملة وحدها تحمل أبعادًا استراتيجية، إذ تشكّل انتقالًا من التلويح إلى إعلان جهوزية سياسية وربما عملياتية. فالحزب لا يرى في إيران مجرد حليف، بل يرى فيها “القيادة الأشرف والأنبل”، والنموذج الذي يجب الدفاع عنه في وجه الاستكبار العالمي.
إيران… من نموذج إلى هدف
بيان الشيخ قاسم قدّم وصفًا دقيقًا لأسباب استهداف إيران، معتبرًا أن طهران باتت تمثل حالة فريدة في الاستقلال، والمقاومة، والتنمية العلمية، وهي بذلك لا تُطاق من قبل منظومة الهيمنة الغربية. كما رأى أن إيران تدفع ثمن دعمها للقضية الفلسطينية وحركات المقاومة في لبنان والمنطقة، معتبرًا العدوان امتدادًا لاستراتيجية كسر كل من يقف في وجه المشروع الأميركي الصهيوني.
سيناريوهات الرد: مفتوحة بلا سقف
رغم أن البيان لم يحدد شكل الردّ أو توقيته، فإنه استخدم عبارة مفصلية: “نتصرف بما نراه مناسبًا في مواجهة هذا العدوان”، ما يعني أن كل الخيارات مطروحة على الطاولة، وأن الميدان قد يشهد تحولات إذا ما تصاعد العدوان. وبالتالي، فإن أحد السيناريوهات المطروحة هو انخراط حزب الله عسكريًا أو دعم لوجستي وأمني مباشر في حال تمادت إسرائيل أو الولايات المتحدة في استهداف إيران أو رموزها.
دعوة إلى تعبئة محور المقاومة
في سياق موازٍ، دعا الشيخ قاسم إلى تعبئة معنوية وفكرية وشعبية عامة، شاملة كل “الأحرار والمستضعفين والمقاومين والعلماء وأصحاب الرأي”، للالتفاف حول القيادة الإيرانية. هذا السيناريو الثاني يقوم على أساس تعبئة إقليمية–إعلامية تشكل ضغطًا مضادًا على الرأي العام العالمي والدولي، وتمنح إيران غطاء معنويًا قويًا في مواجهة الهيمنة.
رسالة ردع أخلاقية–إيمانية
اختُتم البيان بآية قرآنية من سورة آل عمران، تضفي بعدًا عقائديًا على المواجهة، وتربط بين التهديدات الحالية ومرحلة الصبر والتوكّل على الله. هذا المقطع يشكّل السيناريو الثالث غير العسكري: أي تحويل المواجهة إلى معركة إرادة وصبر وثبات أخلاقي طويل الأمد، على غرار التجربة الإيرانية منذ انتصار الثورة.
الرسائل المضمَنة:
-
إلى واشنطن وتل أبيب: نحن حاضرون في الميدان إذا تمادى العدوان.
-
إلى جمهور المقاومة: المعركة مصيرية وعقائدية… فكونوا على الجهوزية.
-
إلى حلفاء إيران: لا تنتظروا الضربة لتتحركوا، بل افعلوا الآن.
-
إلى الرأي العام الدولي: لا تنخدعوا بذرائع تخصيب اليورانيوم، فالمواجهة سياسية بامتياز.
خلاصة المشهد:
بيان الشيخ نعيم قاسم لم يكن مجرد إدانة سياسية، بل خارطة طريق للمواجهة المقبلة، ترسم ثلاثة سيناريوهات متوازية:
-
الاستعداد للتدخل العسكري عند الحاجة،
-
تعبئة سياسية وإعلامية إقليمية،
-
تحصين أخلاقي–عقائدي طويل النفس.
وفي هذا السياق، تتضح ملامح المرحلة المقبلة: المنطقة على حافة مواجهة شاملة، والاصطفافات باتت علنية، ومن يظن أن حزب الله سيلتزم الحياد… لم ييقرأ البيان حيدا.
