يُحكى أنه كان هناك حفلة عرس، وكان الناس مشغولين في التحضير لها، فهذا يأتي بالكراسي، وذاك يجهّز القهوة، وآخر مهتم بجلب الطعام والماء، وغيره أخذ على عاتقه تحضير أجهزة الصوت… الخ.
وفي ذلك الحال كان باب الدار مفتوحاً والناس داخلون خارجون، كل واحد يحاول أن يكون جاهزاً قبل موعد وصول الضيوف. وفي أثناء ذلك كانت قطة الدار في حركة دائبة كأهل البيت، تدخل وتخرج مسرعة مثلهم، وكأنها تشاركهم فرحهم. لكن واحداً من أهل البيت، وقد لاحظ عليها تلك الحركة غير العادية، أخذ يرقبها لعله يعرف سرها. ولم يطل به الوقت حتى اكتشف أنها كانت حاملاً على وشك الوضع، وأنها كانت تفتش عن مكان هادئ آمن لكي تجلس فيه وتبدأ نِفاسَها.
ومع تلك الحركة الكثيرة لأهل البيت لم تجد المكان المناسب فأخذت تبحث مسرعة، جيئة وذهاباً. وعندها قال: الناس بالناس، والقطة بالنِّفاس. أي الناس مشغولون بأمورهم المهمة، لكن القطة مشغولة بأمر نِفاسِها. فذهب كلامه مَثَلاً يُقال لمن كان منشغلاً بأمره الخاص الصغير، بينما الناس منشغلون بأمرٍ جَلَل.
في لبنان، يُنذر العدو الإسرائيلي بقصف منازل في قرى ومدن لبنانية، طالباً من المواطنين الابتعاد 500 متر عن الموقع المستهدف، ويقصف هذه المنازل دون ان يرف له جفن، والمفارقة أن بعض هذه الأماكن المستهدفة قريبة من مواقع للجيش اللبناني، بالإضافة إلى قصف المدنيين على الطرقات، وكل ما يتعلق بإعادة الإعمار.
وفيما طلب رئيس الجمهورية من قيادة الجيش التصدي لأي اختراق بري للعدو الإسرائيلي، يعكف مجلس الوزراء على مناقشة مقترح مقدم من وزراء القوات اللبنانية والكتائب لتعديل قانون الانتخابات النيابية.
ربما يجب تذكير مجلس الوزراء أن الجنوب قطعة من دولة لبنان الكبير، وأن سكانه هم لبنانيون منذ أكثر من عشر سنوات، وأن الاعتداء عليه وعليهم هو اعتداء على السيادة اللبنانية، وأن على مجلس الوزراء أن ينعقد من أجل بحث هذا الاعتداء والخروج على الأقل ببيان استنكار وإدانة، ورفع الصوت في المحافل الدولية وتحديداً الولايات المتحدة الأميركية الضامنة لاتفاق وقف إطلاق النار، واستدعاء سفراء كل من فرنسا وأميركا من أجل وضع حد للتعنت الإسرائيلي الذي لا يقيم وزناً لكل الاتفاقات ولكل القوانين الدولية، وفي حال استمرار العدو في انتهاكه للسيادة الإعلان عن قرار التصدي بالقوة، ودعوة الجيش اللبناني للقيام بواجبه بهذا الصدد .
يبدو أن مجلس الوزراء لديه مشاغل كثيرة ومهمة وأهمها قانون الانتخاب وتعديله بما يتوافق بهوى بعض الأفرقاء ضارباً بعرض الحائط إعادة إعمار ما هدمه العدو الإسرائيلي، وعدم دعم عودة الجنوبيين على بيوتهم وأعمالهم، وعدم تأمين الأمن والأمان بسبب تكرر الاعتداء، والذي ينتج عنه إقفال المدارس كما حصل اليوم وسيحصل غداً وربما بعده، والمحلات التجارية، وكل ما يتعلق بصمود الجنوبيين بأرضهم.
قالها الإمام السيد موسى الصدر في السبعينات من القرن المنصرم ” لا نقبل أن يبتسم لبنان ويبقى جنوبه متألماً” ولو كان موجوداً لقال ” وقف الاعتداء على الجنوب أهم من مناقشة قانون الانتخاب”، عسى أن يسمع القيمون على مجلس الوزراء إذا كان لهم آذان صاغية.
