منذ ظهور قضية أبو عمر في التداول العام، سادت رواية مبسّطة تحاول حصر ما جرى في إطار ضيق: خلاف مهني، أو “لعبة حدّاد سيارات”، أو نزاع محدود لا يتجاوز أطرافًا معروفة. غير أن هذا التفسير، رغم سهولة تداوله، يثير تساؤلات أكثر مما يقدّم إجابات.
أولًا: التبسيط المفرط كأداة لطمس الصورة
في القضايا العامة، غالبًا ما يُستخدم التبسيط المفرط لتقليل الاهتمام الشعبي. تحويل قضية معقّدة إلى حكاية مهنية هامشية قد يكون وسيلة لصرف النظر عن أبعاد أعمق، خصوصًا عندما تتداخل المصالح أو تتعدد الأطراف المستفيدة من بقاء الحقيقة غير مكتملة.
ثانيًا: التناقضات في السرد المتداول
الرواية السائدة لا تفسّر:
– سبب تضخّم القضية إعلاميًا إن كانت مجرد خلاف عادي
– حجم التوتر أو الحساسية المحيطة بها
– صمت بعض الأطراف الفاعلة، مقابل سرعة تحميل المسؤولية لطرف واحد
هذه الفجوات السردية عادة ما تكون مؤشرًا على وجود ما هو غير معلَن.
ثالثًا: من المستفيد من حصر القضية؟
الصحافة تطرح دائمًا سؤالًا جوهريًا: من المستفيد؟
حصر القضية في إطار “حدّاد سيارات” يخفف الضغط عن:
– شبكات مصالح محتملة
– أطراف أكبر لا ترغب في الظهور
– تساؤلات قانونية أو إدارية قد تفتح ملفات أوسع
رابعًا: السياق أهم من الحدث نفسه
أي قضية لا يمكن فصلها عن سياقها:
– توقيتها
– البيئة المحيطة بها
– العلاقات السابقة بين الأطراف
وعندما يوضع الحدث في سياقه الكامل، يصبح من الصعب تصديقه كحادثة معزولة أو خلاف مهني بسيط.
خلاصة
القول إن قضية أبو عمر “مجرد لعبة حدّاد سيارات” يبدو أقرب إلى رواية مريحة منها إلى تفسير مقنع. المؤشرات المتاحة توحي بأن القضية تحمل أبعادًا أكبر، سواء كانت اجتماعية، اقتصادية، أو مرتبطة بتشابك مصالح لا يراد لها أن تُناقش علنًا.
إلى أن تظهر معلومات موثوقة وشفافة، سيبقى السؤال مفتوحًا:
هل ما قدم هو الحقيقة كاملة، أم نسخة مخففة منها؟
