الانتخابات البلدية على الأبواب: من يملك البرنامج يملك القرار!
رئيس التحرير
مع اقتراب موعد الانتخابات البلدية في لبنان، تزدحم الساحة بالمرشحين في مختلف المحافظات، ويعلو صوت الطموحات الشخصية والمصالح الضيقة على حساب الرؤية الإنمائية والهمّ العام. ولعل أبرز ما يُلاحظ هو الغياب شبه التام للبرامج الانتخابية الواضحة لدى معظم المرشحين واللوائح، ما يطرح تساؤلات جوهرية عن جدوى هذه الترشيحات وصدقيتها، ومدى قدرة هؤلاء على إحداث فرق في المجالس البلدية التي يُفترض أن تكون نواة التنمية المحلية.
البرنامج الانتخابي: دليل الالتزام والجدية
لا يمكن لأي مرشح أو لائحة أن تُقنع الناخبين دون برنامج واضح المعالم، يشكّل خريطة طريق لعمل المجلس البلدي في السنوات الست المقبلة. البرنامج الانتخابي ليس ترفًا بل ضرورة، إذ يوضح للناخبين ما هي رؤية المرشح أو اللائحة، وما المشكلات التي يسعون لمعالجتها، وكيف، وبأي موارد، وبأي توقيت. كما أنه يؤسس لمبدأ المحاسبة، فبغياب البرنامج تغيب المعايير التي يمكن للناخب أن يقيس على أساسها نجاح أو فشل من انتخبهم.
مقومات المرشح الناجح لعضوية المجلس البلدي
ليس كل من يملك طموحًا يصلح أن يكون عضوًا بلديًا. فعضوية المجلس تتطلب مجموعة من المقومات الأساسية، أبرزها:
- السمعة الطيبة والنزاهة في التعامل مع الناس والمال العام.
- الخبرة الإدارية أو المهنية التي تتيح فهماً للملفات البلدية المتنوعة من هندسة، وبيئة، وتنمية، وخدمات عامة.
- الحسّ الاجتماعي والقدرة على التواصل مع الناس والاستماع إلى همومهم.
- روح العمل الجماعي والابتعاد عن الفردية، لأن العمل البلدي هو عمل تشاركي.
- الالتزام بالقانون والنظام، ومعرفة دور البلدية وحدود صلاحياتها، ما يمنع الوقوع في فخّ الوعود الكاذبة.
سبل النجاح وكسب ثقة الناخبين
المرشح الناجح هو الذي يخاطب عقول الناس قبل عواطفهم. ومن أبرز طرق كسب ثقة الناخبين:
- تقديم برنامج واقعي وملموس يعكس الحاجات الفعلية للبلدة أو المدينة.
- الوجود الدائم في الساحة، وليس الظهور الموسمي قبيل الانتخابات.
- بناء تحالفات شفافة مع شخصيات موثوقة تشكل إضافة نوعية للائحة.
- اعتماد الشفافية والوضوح في الخطاب، وعدم المراوغة أو التنصل من المسؤوليات.
- التفاعل المباشر مع الناس عبر لقاءات، جولات ميدانية، واستطلاع آرائهم.
أهمية الحملات الإعلانية والإعلامية
في زمن الصورة والإعلام، بات من الضروري أن تمتلك كل لائحة أو مرشح خطة إعلامية واضحة تواكب الحملة الانتخابية. فالإعلان السياسي لم يعد فقط وسيلة ترويج، بل أداة أساسية للتواصل مع الناخبين وشرح الرؤية والبرنامج.
الحملة الناجحة تعتمد على:
- خطاب موحد ومنظم.
- إدارة محترفة لوسائل التواصل الاجتماعي.
- إنتاج مواد إعلامية جذابة (فيديوهات، منشورات، مقابلات).
- تنسيق مع وسائل الإعلام المحلية لنقل صورة المرشح والتفاعل مع الجمهور.
كما يجب أن تلتزم الحملات بالمصداقية والاحترام، وأن تبتعد عن التجريح والتشهير، لأن الناخب اللبناني بات أكثر وعيًا من ذي قبل، ويحاسب.
في الختام
الانتخابات البلدية ليست مناسبة للاحتفال بالشعارات، بل فرصة لاختيار من يملك الكفاءة لخدمة الناس. والمرشح الجاد هو الذي يقدّم نفسه حاملًا مشروعًا، لا مجرد اسم على ورقة اقتراع. آن الأوان أن نرتقي بثقافتنا الانتخابية نحو برامج واضحة، ومساءلة شفافة، ومجالس بلدية فاعلة تؤمن بأن الإنماء حق، لا منّة، وأن خدمة الناس مسؤولية لا مكسبًا شخصيًا.