إيران بين الدفاع عن نفسها أو عن محور المقاومة: مفترق الخيارات في وجه إسرائيل
في ظل تصاعد العدوان الإسرائيلي، تجد إيران نفسها أمام خيارات مصيرية: هل تدافع عن مصالحها فقط أم تقود محور المقاومة بأكمله؟ تحليل سياسي للدكتور نسيب حطيط.
بين لحظة الوجع والأمل، عاش محور المقاومة والفلسطينيون في غزة والضفة الغربية مشهدًا متقلبًا: من القلق على إيران تحت نيران القصف الإسرائيلي، إلى الفخر بالردود المحتملة من الدولة التي راهنوا على قوتها لاستعادة توازن الردع في مواجهة المشروع الأميركي – الإسرائيلي، بعد الضربات المتتالية التي أصابت المقاومة في لبنان وفلسطين، والانهيار الجزئي في سوريا.
إيران تدخل المواجهة المباشرة
بعد أكثر من 40 عامًا على تأسيس “جيش العشرين مليون” لتحرير القدس، تدخل إيران مواجهة عسكرية مباشرة وغير مسبوقة مع العدو الإسرائيلي الذي تجاوز الخطوط الحمراء، وقصف قلب الجمهورية الإسلامية، مستهدفًا قيادات عسكرية وعلماء نوويين في محاولة لاغتيال الحلم النووي الإيراني.
اليوم، تقف إيران أمام مفترق استراتيجي حاسم: فإما أن تختار الدفاع عن نفسها، أو أن تتحمّل مسؤولية المشروع الإسلامي التحرّري ومحور المقاومة بأكمله، لتحديد مستقبل المنطقة، ومعها مصير إسرائيل وأمريكا.
مفترق خيارات… أي طريق تختار إيران؟
-
الدفاع عن النفس:
الاقتصار على الرد المحدود ضد إسرائيل، لضمان أمنها القومي، واستعادة هيبتها، وفتح باب المفاوضات مع الولايات المتحدة لحماية مصالحها الخاصة. -
الدفاع عن الإسلام ومحور المقاومة:
حماية خطوط محور المقاومة في لبنان، فلسطين، العراق، واليمن، من خلال فرض معادلة ردع جديدة، وفرض وقف دائم لعمليات الاغتيال والقصف، خاصة في لبنان. -
قيادة المشروع المقاوم الشامل:
التصدي لمشروع “إسرائيل الكبرى” والشرق الأوسط الجديد، وإفشال مخطط “الديانة الإبراهيمية”، وتحقيق وحدة الموقف بين السنة والشيعة لمواجهة الفتنة المذهبية والحروب الطائفية القادمة.
لحظة ذهبية لإيران… أو لحظة تفريط؟
ما تعيشه إيران اليوم، ليس مجرد مواجهة، بل اختبار للثورة الإسلامية برمتها. فإما أن تكون وريثةً للثورة البولشفية التي انهارت عام 1990، وتنطلق كقوة تحررية عالمية، أو تنكفئ داخل حدودها وتعيش رفاهية تقطعها عن مبادئها وحلفائها.
إن أحرار العالم، لا سيما في لبنان وفلسطين، يراهنون على استمرار إيران في المواجهة، لأنها – في نظرهم – الأمل الأخير القادر على كبح مشروع التلموديين والمحافظين الجدد. وإذا سقطت إيران، سقط معها المشروع المقاوم، وفلسطين، وتمهد الطريق لـ”إسرائيل الكبرى”.
حلفاء إيران ليسوا أدوات… بل شركاء دم
إيران مدعوة لأن تكون على قدر الثقة التي منحها إياها شركاؤها في المقاومة. إذا تخلّت عنهم بعد 40 سنة من التضحية المشتركة، ستخسر الحلفاء، ولن تجدهم عندما تحتاجهم لاحقًا في مواجهة جديدة مع أميركا.
ونحن – في لبنان – نطالب بحقّنا أن نكون حاضرين في أي مفاوضات تُجريها إيران، خصوصًا لتثبيت وقف النار، ومنع الاغتيالات والقصف. فهذا أقل ما يمكن أن يُقدَّم، بعد أن صمتت طهران عن الرد على اغتيال “السيد الشهيد”، وعن حرب الـ66 يومًا، حيث قدّمنا 4000 شهيد من الشيعة، وعشرات آلاف البيوت المدمّرة، ونزوح شبه كامل للطائفة.
صوت المقاومة: نُقاتل معكم ونموت معكم
لم نقصّر يومًا مع إيران. شاركناها المعارك منذ “خورمشهر”، وكنّا دائمًا درعها وصوتها في كل ساحة، بل كنا كما كان أبو الفضل العباس مع الحسين (عليهما السلام). لنا عليها حقّ “الأخ على أخيه”.
خاتمة: لحظة نصر… أم لحظة ندم؟
في هذه اللحظة المفصلية، على إيران أن تختار: بين أن تكون قاطرةً لتحرير الأمة، أو أن تكتفي بحماية نفسها. لكنها، إذا تخلّت عن مشروعها التحرّري، فإنها ستفقد وجهها الثوري، وثقة من آمن بها، وراهن على صمودها.
مع الدعاء بالنصر للجمهورية الإسلامية وللمقاومين في كل الميادين.