“اللّات الأميركي”… المقاومة إرهابية وجبهة النصرة شريكٌ وحليف!/د. نسيب حطيط
بدأت ملامح العصر الأميركي ترتسم في أفق الشرق الأوسط الجديد، حيث تسعى الولايات المتحدة إلى تغيير عناوين وساحات الحروب، عبر إنهاء الصراع العربي–الإسرائيلي وإعدام القضية الفلسطينية، التي شكّلت محور النضال العربي على مدى أكثر من سبعة عقود. وها هم العرب والمسلمون يستعدّون لدفنها ووأدها كما كانت تُوأد البنات في الجاهلية، علّهم يتخلصون من “عارها” بعدما عجزوا عن نصرتها.
يعبد أغلب العرب والمسلمين اليوم “اللّات الأميركي”، الإله الجديد، الذي – وفق تأويلهم – أصبح ينزل من عليائه كل يوم لا لتفقّد عباده، بل بهيئة “أميركا” تارة، و”إسرائيل” طورًا، معدّلًا بعض ما يعتقدونه من آيات وشرائع، فأزال صفة “الإرهاب” عن جبهة النصرة، وسلّمها سلطة وهمية في سوريا، بينما تمسك بالسلطة الحقيقية الولايات المتحدة وتركيا والكيان الإسرائيلي. وفي المقابل، وصم المقاومة في لبنان وفلسطين والعراق واليمن بالإرهاب لأنها تعرقل نشر “الديانة الإبراهيمية” ومشروع إسرائيل الكبرى.
وفقًا لهذا الإله الأميركي الجديد، ميزان الإرهاب يعتمد على الموقف من إسرائيل: من يُطبع ويتحالف ويستسلم، تفتح له أبواب الجنة الأميركية وترفع عنه العقوبات، ومن يقاوم فهو “كافر”، يجب نزع سلاحه، حل حزبه، إغلاق مؤسساته الخيرية والتربوية، لا سيما إن كانت تحمل اسم الإمام المهدي، خشية أن تكون امتدادًا لمشروع عالمي يهدد عروش الطغاة!
لقد صنعت أميركا الجماعات التكفيرية من القاعدة إلى داعش، ومن النصرة إلى “تحرير الشام”، ودربتهم في سجونها، واستخدمتهم في إسقاط الأنظمة وإشعال النزاعات الطائفية، ثم أعلنتهم إرهابيين، فرصدت المكافآت للقبض على قادتهم، وأعادت استخدامهم عند الحاجة. واليوم، تُعيد استخدام هذه الأدوات لتسلّمهم مفاتيح سوريا، وربما لاحقًا لبنان، تحت شعار “وحدة المسار والمصير” بين بيروت والنصرة والشيشان والإيغور!
وفي الداخل اللبناني، يحتفل بعض العملاء والأغبياء، وعلى رأسهم اليمين المسيحي بقيادة القوات اللبنانية، وهم من هجّر المسيحيين من مناطقهم في الحرب الأهلية، واليوم يعيدون التجربة بالتحالف مع النصرة، تحت عباءة الثنائي “ج – ج”، لاستكمال مشروع تهجير المسيحيين المشرقيين، وقتل المسيحية الأصيلة، في خدمة اليهودية التلمودية والماسونية.
وبينما تُحاصَر بقايا السنّة المعتدلين الذين رفضوا الفتنة، وتُحارَب المذاهب السنية الرافضة للوهابية، يُحتفى بالتكفيريين، وتُمنح لهم الأوسمة والولاءات في محاولة يائسة للتمسّك بالمناصب والألقاب، حتى لو كان الثمن الدماء والدمار.
“اللّات الأميركي” لا يطلب فقط رأس الشيعة والمقاومة، بل يستهدف الجميع تباعًا: المسيحيين، الدروز، السنّة، العلمانيين، اليساريين، وكل من يحمل في إخراج قيده اسمًا طائفيًا. المطلوب: شرق أوسط بلا هويّة، بلا مقاومة، بلا كرامة.
انتبهوا… من يساعد أميركا وإسرائيل والتكفيريين على ذبح المقاومة، فلينتظر دوره.
فكما تخلّت عن بن لادن والبغدادي، ستتخلّى عن “الجولاني” ورفاقه، وعن كل من بايعها… وإن قَتَلَتنا أميركا وإسرائيل، سنُبعث شهداء أبرارًا، أما أنتم… فإلى أبد الآبدين ستبقون أتباع “يهوذا”، قتلة الأنبياء!