يقف موظفو القطاع العام اليوم على حافة الانهيار. أجورهم تبخّرت، ومعاشاتهم التقاعدية صارت ذكرى، والوظيفة التي كانت يومًا رمزًا للاستقرار تحوّلت إلى عبءٍ يومي لا يُحتمل.
الحكومة تتحدّث عن “تسوية الأوضاع”، لكن أي تسوية تُنقذ موظفًا بالكاد يستطيع الوصول إلى مكتبه؟ هل المقصود رفع الرواتب؟ إصلاح التقاعد؟ أم مجرّد تهدئة غضبٍ شعبي بتعويضاتٍ مؤقتة؟
الواقع أن الأزمة أعمق من جداول أرقام، إنها أزمة وجود الدولة نفسها. فحين يُفرَّغ القطاع العام من كفاءاته، وتُدار المؤسسات بروح التعاقد والربح، تفقد الدولة معناها الاجتماعي.
الحلّ ليس في “مكرماتٍ” موسمية، بل في رؤيةٍ شاملة تُعيد ربط الأجور بالتضخّم، وتُصلح أنظمة التقاعد، وتوحّد الحقوق بين العاملين.
أما تمويل الإصلاح، فيجب أن يأتي من محاربة الهدر واستعادة الأموال المنهوبة، لا من جيوب الفقراء.
فإنقاذ القطاع العام ليس مطلبًا نقابيًا فحسب، بل اختبارٌ لمدى بقاء الدولة دولة.