كريستال خليل
في وقت ظنّ فيه اللبنانيون أنّ زمن الكمّامات قد أصبح خلفهم، تعود الفيروسات التنفّسية لتفرض نفسها بقوّة على المشهد الصحي، مُنذِرةً بمرحلة دقيقة جديدة. يشهد لبنان اليوم انتشارًا كثيفًا وغير مسبوق لعدّة أنواع من فيروسات الإنفلونزا، أبرزها H1N1 وVictoria B، حيث تُسجَّل إصابات متزايدة، خصوصًا في المدارس وبين الأطفال، قبل أن تمتدّ إلى كبار السنّ والأشخاص الذين يعانون من أمراض مزمنة أو ضعف في المناعة.
ولم يتوقّف المشهد عند هذا الحدّ، إذ دخل على الخطّ مؤخرًا متحوّر جديد من الإنفلونزا هو H3N2، الذي يجتاح دول العالم بسرعة لافتة. وتكمن خطورة هذا الفيروس في التغيّرات الجينية التي طرأت عليه، ما يجعل الجهاز المناعي أقل قدرة على التعرّف عليه بسرعة، الأمر الذي يرفع نسب العدوى ويزيد من حدّة الأعراض والمضاعفات المحتملة. فهل نحن أمام عودة قسرية إلى زمن الاحتياطات الصحية المشدّدة، أم أنّ الإستهتار سيكلّف لبنان موجة صحية جديدة يصعب احتواؤها؟
د. نور يوسف: إنفلونزا H3N2 هي متحوّر جديد منتشر عالميًا
في هذا السياق، أشارت اختصاصية طب الأطفال والأمراض المعدية، الدكتورة نور يوسف، في حديث خاص، إلى أنّ إنفلونزا H3N2 هي متحوّر جديد منتشر عالميًا، وتتشابه عوارضه مع عوارض الإنفلونزا المعروفة، إلا أنّه يتميّز بألم شديد في الرأس، وخمول عام في الجسم، وارتفاع في درجات الحرارة، إضافة إلى آلام في المفاصل والعظام، وغيرها من الأعراض التي تستوجب الاستجابة الفورية عبر استشارة طبية وإجراء الفحوصات اللازمة.
وأوضحت د. يوسف أنّ لبنان يشهد انتشارًا واسعًا لهذا المتحوّر، لا سيّما بين الأطفال، باعتبارهم الفئة الأكثر عرضة للاحتكاك والتجمّعات في المدارس ودور الحضانة. وحذّرت من خطورة إهمال الإصابة بهذا الفيروس، مؤكدة أنّ التدخّل الطبي المبكر والعلاج المناسب يمكن أن يخفّفا من تطوّر الحالة الصحية، ويساهما في الحدّ من انتشار العدوى، بل والوقاية منها في بعض الحالات.
ودعت الدكتورة المصابين بأي نوع من أنواع الإنفلونزا، خصوصًا في فترة الأعياد، إلى الالتزام بإجراءات الوقاية، مثل تجنّب الاختلاط وارتداء الكمّامات، والأخذ في الاعتبار سرعة انتشار هذا المتحوّر وخطورته. كما شدّدت على ضرورة عدم الاستهتار عند ظهور أي من الأعراض، وتجنّب إرسال الأطفال إلى المدارس أو دور الحضانة منعًا لانتقال العدوى بشكل يصعب السيطرة عليه، كما هو حاصل في بعض الدول الأوروبية والأميركية، حيث عادت موجة الكمّامات بقوّة وامتلأت المستشفيات بالمصابين.
وذكّرت اختصاصية طب الأطفال والأمراض المعدية نور يوسف بأهمّية لقاح الإنفلونزا المتوافر في لبنان، مشيرةً إلى أنّه، ورغم عدم تطابقه بنسبة 100% مع المتحوّر الجديد، إلا أنّه يساهم في التخفيف من حدّة الأعراض ويقلّل من خطر المضاعفات.
وأضافت: «نشهد يوميًا ازديادًا مقلقًا في عدد الإصابات، وتكون فعالية العلاج أعلى واستجابة الجسم أفضل في حال البدء به خلال الـ48 ساعة الأولى من الإصابة. كما تتوافر أدوية وقائية يمكن إعطاؤها لكبار السنّ أو الأشخاص المعرّضين للخطر في حال ثبوت إصابة أحد أفراد العائلة بالإنفلونزا».
