كفٌّ من شرطي يكفّ حياة بائع خضار.
تحقيق:
_ زينب الحاج حسن.
_ لينا رشيد.
_ د.مازن مجوز
_ نادين خزعل
(تم إعداد هذا التحقيق ضمن محتوى تدريبي لورشة عمل تنظمها Maharat Foundation حول مبادئ وأسس التغطية الإعلامية للقطاع الأمني في لبنان).
قبل حوالي السنتين ودّع ع.م. أطفاله الثلاثة وزوجته وخرج من المنزل.
“بابا، ما تنسى تجبلي معك اللعبة اللي وعدتني فيها”…
لن أنسى قال ع.لصغيرته وراح يدعو في قرارة ذاته أن يكون الرزق وفيرًا ليفي بوعده.
وصل إلى مكانه المعتاد، ركن عربته، وضب الخضار ، رش الماء وبدأ يبيع ويحصي المال متأملًا أن يكفيه المبلغ ثمن اللعبة.
يخبرنا ع. :”في منتصف النهار،تغيرت كل حياتي.كان التعب قد أخذ مني كل مأخذ، فأنا مريض بداء الدوالي ولا يجب علي الوقوف كثيرًا ولكن ما بيدي حيلة”.
ويكمل لنا السرد: كنت استأجر محلًا وهناك كان العمل أسهل وكان يعمل معي موظف يساعدني فلم أكن أقف كثيرًا . كان هو يبيع وأنا أجلس أقبض من الزبائن المال. ولكن صاحب المحل بعد انهيار الليرة ضاعف من قيمة الإيجار وبالدولار الأميركي فلم أعد قادرًا فسلمته المحل وكي لا أشحذ أو أسرق قررت أن أعمل على عربة. ولكن ما حصل ذلك النهار لم يكن بالحسبان إذ فجأة وصلت دورية من البلدية وأبلغتنا بضرورة المغادرة فورًا.. إقتربت من شرطي البلدية لأطلب منه أن يسمح لي باستكمال نهاري فقط كي أشتري اللعبة لابنتي لكنه رفض وصفعني ونهرني وسادت حالة من الهرج والمرج والتدافع وأحد عناصر الشرطة “دفشني” وصفعني كفًا وأنا أحاول أن أحمي عربتي وخضاري فوقعت أرضًا ولم أصح إلا وأنا في المستشفى.
ع. أصيب بارتجاج دماغي ووفق تقرير الطبيب فإنه ارتجاج ناجم عن الارتطام بجسم صلب، وبسبب حالته الصحية بات عاجزًا عن العمل وهو اليوم يعيش على “الصدقات من المحسنين” غير قادر على تلبية احتياجات عائلته ولا على تأمين كلفة علاجه.
هل تقدمت بدعوى قضائية؟ سألناه، فقال لنا: “نحن في لبنان، وانا ما عندي ضهر، واللي ما عندو ضهر بتروح عليه”..
مصدر في قوى الأمن الداخلي أكد لنا أن حملات ازالة التعديات والمخالفات في المناطق عادة تقوم بها شرطة البلدية ولا تتدخل القوى الأمنية إلا في حال تفاقم الوضع وحدث إشكال بين المخالفين وشرطة البلدية فتطلب هذه الأخيرة مؤازرة القوى الأمنية المعنية وفي ما خص ع. قال لنا أنه لو ادعى لتم حُكمًا فتح تحقيق.
من جهته رئيس البلدية المعنية قال أن لا مساومة على تطبيق القانون والنظام العام لمنع التجاوزات والتعديات. ولدى إبلاغنا إياه بما أخبرنا به ع. رفض متابعة الحديث وتحفظ وقال أن القضية قديمة وما من ضرورة لإثارتها مجددًا..
إذًا، نتيجة تصرف فردي غير مسؤول من شرطي بلدية، حياة عائلة انقلبت رأسًا على عقب…
المضحك المبكي أنه وبعد حوالي الأسبوعين عادت بسطات وعربات الخضار إلى التموضع بعد تدخل بعض الجهات النافذة…
وحده ع. دفع الثمن غاليًا،فمن ينصفه وينصف عائلته؟
