الحرب الأميركية لإستعادة إيران وإسقاط باكستان وروسيا والصين: مشروع عالمي بوجهٍ إسرائيلي/ د. نسيب حطيط
بعد أكثر من أربعين عامًا على خسارة الولايات المتحدة قاعدتها الإقليمية الكبرى “إيران” إثر انتصار الثورة الإسلامية بقيادة الإمام الخميني، تعود واشنطن اليوم لشن حرب مباشرة على طهران، هذه المرة بقناع إسرائيلي وشراكة حلف “الناتو” وبعض الأنظمة العربية.
لكن الحرب الأميركية الحالية لا تتعلّق فقط بالملف النووي الإيراني، بل تأتي ضمن مشروع غربي شامل لمحو الحضارات الشرقية، وتفكيك القيم الأخلاقية والعقائدية، وإطفاء شعلة المقاومة في المنطقة والعالم. إنها حرب تستهدف إيران أولًا، تمهيدًا للانتقال إلى باكستان وروسيا والصين، في إطار مرحلة ثانية من “الربيع العالمي”، بعد الانتهاء من “الربيع العربي”.
جبهتان أميركيتان ضد إيران: الخارج والداخل
تخوض واشنطن حربها ضد إيران على جبهتين:
-
جبهة خارجية تتجسد في الغارات الجوية التي تنفذها إسرائيل بدعم وتنسيق دولي.
-
جبهة داخلية يقودها تنظيم “مجاهدي خلق”، وبعض الخلايا الاستخباراتية التابعة للموساد ووكالة الاستخبارات المركزية الأميركية (CIA)، عبر تنفيذ عمليات اغتيال، تفجيرات، وزرع الفوضى النفسية والأمنية.
هذا التقاطع بين المعارضة غير الإسلامية والمشروع الأميركي-الإسرائيلي يهدف إلى ضرب ركائز النظام الإيراني من الداخل.
انتقال أميركا إلى الجبهة الآسيوية: ما بعد سوريا
بعد تأمين النفوذ الأميركي في المنطقة العربية وإضعاف قوى المقاومة في لبنان وفلسطين وسوريا، توجهت واشنطن نحو الجبهة الآسيوية. ومن بوابة الهند بدأت أولى محاولاتها ضد باكستان، في إطار أهداف أوسع:
-
نزع السلاح النووي الإسلامي عبر إسقاط إيران وباكستان.
-
محاصرة روسيا عبر تركيا وتفعيل الإسلام التكفيري في جمهوريات آسيا الوسطى، مع إبقاء أوكرانيا كجبهة استنزاف.
-
التوغل شرقًا نحو الصين وإسقاط آخر القلاع المناوئة للهيمنة الأميركية.
إيران: ألمانيا الحرب العالمية الثالثة!
بالنسبة لواشنطن، تمثّل إيران اليوم ما كانت تمثله ألمانيا في الحرب العالمية الثانية. تُتهم طهران برعاية الإرهاب وزعزعة الأمن العالمي، في محاولة لتبرير الحرب الشاملة لإسقاطها وإعادة رسم الجغرافيا السياسية بقيادة القطب الأميركي الأوحد.
الولايات المتحدة تسعى إلى استعادة إيران كقوة إقليمية تابعة تخدم مصالحها، بعدما عجزت إسرائيل عن فرض هيمنتها على المنطقة بسبب ضعفها الديمغرافي وصغر حجمها الجغرافي.
لماذا تحتاج أميركا إلى بديل إسلامي؟
في ظل عجزها عن احتلال الدول مباشرة أو حماية أنظمة الخليج، تبحث واشنطن عن قوة إسلامية لا تُحرجها في مسار التطبيع مع إسرائيل، وتكون قادرة على:
-
تشكيل ثنائية إسلامية غير عربية إلى جانب تركيا.
-
لعب دور “شرطي أميركا” في المنطقة.
-
تأمين موارد بشرية ومالية للحروب البديلة دون كلفة مباشرة على أميركا.
معركة مصيرية وتحوّلات دولية
الحرب على إيران ستكون طويلة ومفصلية، وقد تتخللها مراحل من التهدئة لإعادة تنظيم القوى. فشل محاولة اغتيال “المرشد الأعلى” سابقًا، منع الانهيار السريع للنظام الإيراني، لكن المحاولات لن تتوقف، باعتبار أن إقصاء القيادة هو المدخل الإجباري لنجاح المشروع الأميركي.
معركة كل الأحرار: لا مكان للحياد
إن هذه الحرب ليست إيرانية فقط، بل حرب على الدين، والسيادة، والحرية. كل من يتخلى عن دعم إيران الآن، فإنه يساهم في هدم حصون بلده ودينه.
قاوم بما تستطيع… ولو بكلمة.
إنها ليست معركة إيران فحسب، بل معركتك أنت، حيثما كنت، ومهما كانت قوميتك أو مذهبك.
الدفاع عن إيران اليوم… هو دفاع عن نفسك وغدك وهويتك.
