غزالة : انسحاب الوزراء الشيعة الخمسة… منع خروج وزراء القوات والكتائب
كتب رئيس تحرير شبكة الزهراني الإخبارية محمد غزالة :
شكّل انسحاب الوزراء الشيعة الخمسة من جلسة مجلس الوزراء أمس لحظة سياسية مفصلية، يمكن وصفها بأنها خطوة مدروسة أعادت التوازن الداخلي وأطالت عمر الحكومة بدل أن تقصّره.
فالمغزى الأبرز للانسحاب لم يكن تسجيل موقف اعتراضي فحسب، بل التأكيد أن القرارات المثيرة للجدل في 5 و7 اب ما زالت موضع رفض قاطع، وأن أي محاولة لتجاوز الميثاقية لا شرعية لها، وفق ما ينص عليه الدستور اللبناني في الفقرة “ي” من مقدمته التي تؤكد أن لا سلطة تناقض ميثاق العيش المشترك.
لكن الأهم من ذلك أن هذه الخطوة حرمت وزراء “القوات” و”الكتائب” ورئيس الحكومة من ورقة كانوا يستعدون لاستخدامها، وهي الانسحاب من الجلسة اعتراضًا على خطة الجيش. هؤلاء كانوا يراهنون على أن تأتي الخطة متناغمة مع مطلب وضع جدول زمني واضح لنزع السلاح وحصره بيد الدولة، غير أن عرض العماد رودولف هيكل جاء مختلفًا، إذ رسم خطة ميدانية واقعية وحدّد العراقيل الجوهرية، وفي طليعتها استمرار الاحتلال الإسرائيلي وتنصّله من التزاماته.
وهكذا، عند انسحاب الوزراء الشيعة، بدا من الصعب على القوى الأخرى أن تُهاجم الجيش أو تنسحب في مواجهته، ما جعل المؤسسة العسكرية في موقع المنقذ للجميع. الجيش لم ينحز لأي طرف، بل أمسك العصا من الوسط والأطراف في آن معًا، واضعًا خطًا أحمر أمام محاولات الاستثمار السياسي في الأمن القومي.
الخلاصة أن ما جرى بالأمس لم يكن مجرد انسحاب عابر، بل مشهد متكامل من التوازن الطائفي والسياسي، انتهى إلى إنقاذ الحكومة من تصدّع مبكر، وإلى حماية الجيش من الانجرار إلى صراعات داخلية، مثبتًا مرة أخرى أنه المؤسسة الوطنية الوحيدة القادرة على قراءة الواقع الميداني بكل تفاصيله وتفادي الانفجار الداخلي.