بين الدمار والابتسامة… درس في الإنسانية والصمود
كتبت الاعلامية اماني جحا :
حين أعلنوا وقف إطلاق النار أثناء العدوان الأخير على لبنان، تغيّر شكل الحرب فقط، أما الحرب فلم تتوقف. نزلتُ إلى البلدة لأرى أهلي، بعد أن تركوا مكان نزوحهم مرتين: مرة من الضيعة، ومرة من الضاحية.
كنت أقف بالضاحية، أراقب الدمار حولي، حين اقترب مني شاب على دراجة نارية. كانت عيناه متألمة، ويده مشلولة بعد اصابته في مجزرة البيجر . ابتسم لي وقال مازحًا: “هل تريدين أن تعطبيني بعد؟ أليس كافيًا ما أنا عليه الآن؟”
نظرت إليه، ودمعت عينيّ، فقلت له: “هل تأخذ عيني؟” فأجابني: “سلامة قلبك.”
في تلك اللحظة شعرت بحاجة مجتمعنا إلى العطف الجماعي والوعي العميق بما حلّ بنا. تلك الكارثة التي تركت شبابنا مثقلين بالآلام، ولم نرَ نتائجها بعد.
كيف يمكن لأحد أبناء هذه البيئة أن يعيّر الآخر بما فقده من أطرافه أو قدره؟ كيف يستطيع أن يعتبر هذا المهين؟ وكيف يمكن أن يتحدث عن لاجئ، ونحن نعيش في نصف دين مقتلة، وشعب صار ثلاثة أرباعه لاجئين بسبب الظلم وسرقة الهوية والأرض، وسط صمت المجتمع الدولي وتواطؤ البعض مع القاتل والمجرم؟
كيف يمكن لأحد أن يرفع صوته مدعيًا الحق، وهو يهين مجتمعه ويستهين بمعاناته؟ الحقيقة البسيطة: عندما تخاصم، اخاصم بشرف.
هذه اللحظة، بين الدمار والابتسامة، كانت درسًا في الإنسانية والصمود، وتذكيرًا بأن الأخلاق والضمير أهم من أي خصومة أو حساب سياسي.