البعض يريد “صخرة الروشة” نسخة عن ” بوسطة عين الرمانة” / غسان همداني
قامت الدنيا ولم تقعد في لبنان، استنفرت القوى السياسية ” السيادية، وأصدرت رئاسة الحكومة بياناً “وطنياً قومياً” في محاولة للتصدي لاعتداء غاشم، وأمرت القوى الأمنية كافة بالاستنفار لخطورة وتداعيات هذا الاعتداء.
سيعتقد الكثيرون أن الاعتداء المقصود هو العدوان الإسرائيلي على الجنوب والبقاع، وأن الدولة انطلاقاً من حسها الوطني ودفاعاً عن السيادة الوطنية قد شربت حليب السباع وقررت النزول إلى الميدان بقدها وقديدها.
مهلا، الاعتداء بنظر رئيس الحكومة وأغلبية الوزراء وقوى “السيادة والاستقلال” ليس الاعتداء الإسرائيلي بل هو إضاءة “صخرة الروشة” بصور قادة المقاومة!!
هذا “الاعتداء” كاد أن ينتج عنه أزمة سياسية تضاف إلى الأزمات القائمة حالياً، إذ اعتكف رئيس مجلس الوزراء في منزله وأطفأ هاتفه احتجاجاً على كسر قراره، وكاد أن يلوح باستقالته لجليل الأمر الذي يهدد سيادة لبنان، لكنه تراجع تحت ضغط توسلات وتأييد قوى السلطة (المعارضة سابقاً) التي حجت إلى قريطم لشد أزر رئيس الحكومة والوقوف إلى جانبه.
لم يقف الأمر عند هذا الحد الخطير بل تجاوزه إلى ما هو أخطر، إذ استغرب رئيس الحكومة كيف لم يقمع الجيش اللبناني هذا الاعتداء، واستهجن كيف دخلت جحافل العدو بآلياتها الفنية، وكيف لم تكتشف القوى الأمنية تهريب السلاح الخطير” البروجيكتور”، واستدعى كل من وزير العدل ووزير الدفاع ووزير الداخلية، لمناقشة هذا الأمر الجلل.
تزامن هذا الموقف مع إعلام “السيادة والاستقلال” الذي صمت عن مجزرة بنت جبيل، وعمي عن دخول وزير دفاع العدو والناطق الرسمي لجيشه إلى أراضٍ لبنانية، ولم يحرك ساكناً للاعتداء على الجيش اللبناني، فاستنفر ضد الجيش اللبناني ووصفه بعبارات لم يوصف بها عملاء يتباهون بالخيانة، ما استوجب رداً عنيفاً من قبل وزير الدفاع.
كثرت في الآونة الأخيرة تحذيرات كثيرة من حرب أهلية يُعِد لها العدو الإسرائيلي وتلاقي قبولاً من بعض القوى في لبنان، هذه التحذيرات وردت على لسان مسؤولين خليجيين وعرب وغربيين، فهل المطلوب من الجيش اللبناني إشعال فتيل هذه الحرب، علماً أن قيادة الجيش اللبناني أعلنت مراراً وتكراراً رفضها القيام بأي إجراء يُهدد السلم الأهلي، وما الخطة التي تقدم بها قائد الجيش حول حصرية السلاح والتي سحبت فتيل التوتر إلا دليل على هذا الموقف وصوابه.
لقد فات رئيس الحكومة ومن ورائه ” جمعية كلنا إرادة” والقوى ” السيادية” أنها استعملت الشارع فيما سمي ” بثورة الأرز”، وأقفلت الطرقات وهي من الأملاك العامة، وحطمت واعتدت على الأملاك العامة والخاصة، وتطاولت على رموز سياسية ودينية ووطنية، وحاولت اقتحام القصر الجمهوري ومجلس النواب والسرايا الحكومي، ونتج عن “ثورتها” ارتفاع سعر صرف الدولار الأميركي أمام الليرة اللبنانية، وضياع أموال المودعين، هذه القوى نفسها تستنكر التعدي على الأملاك العامة!!، إذ يحق لها ما يحق لغيرها، بينما “الاعتداء” على صخرة الروشة كان حضارياً، لم يشهد اشكالاً واحداً رغم كثرة الجموع، ولم يسجل أي انتهاك أمني مقارنة بحراك ” الثوار”.
لم يكن من داعي لكل هذا التصعيد، إلا إذا كان وراء الأكمة ما وراءها، ورغبة البعض أن تكون ” صخرة الروشة” نسخة عن ” بوسطة عين الرمانة”، ومحاولة زعزعة السلم الأهلي تنفيذاً لمخطط العدو، فهل تُعاد الكرة بعد فشلها، رهاننا على حكمة العقلاء في هذا البلد، وأولاً وآخراً على الجيش اللبناني وحكمته في حفظ السلم الأهلي.