بسم الله الرحمن الرحيم “وجعلنا من الماء كل شيء حي” صدق الله العلي العظيم.
لا شك أن المياه هي أهم شيء في الكون، فهي مصدر الحياة، وقد ركز كل من مؤتمر الأمم المتحدة للمياه (1977)، والعقد الدولي لتوفير مياه الشرب والصرف الصحي (1981 – 1990)، والمؤتمر الدولي المعني بالمياه والبيئة (1992)، ومؤتمر قمة الأرض (1992) — على هذا المورد الحيوي، فالمياه هي في قلب التنمية المستدامة، وهي ضرورية للتنمية الاقتصادية الاجتماعية، والطاقة وإنتاج الغذاء وسلامة النظم الإيكولوجية وبقاء الإنسان. كما أن المياه كذلك في صلب عملية التكيف مع تغير المناخ حيث تضطلع بدور الرابط بين المجتمع والبيئة.
والمياه تلعب دوراً مهماً في صياغة العقيدة الدينية، فمعجزة النبي نوح (ع) كانت الطوفان، وفرعون وجيشه أُغرق في البحر، والنبي موسى (ع) أُلقي في اليم، وذا النون عليه السلام ابتلعه الحوت، والنبي عيسى (ع) تعمد بماء الأردن عل يدي النبي يحيى(ع) وضرب برجله الأرض فانبجس الماء لتشرب السيدة مريم (ع)، وكذلك فعل النبي اسماعيل(ع) فكانت مياه زمزم، والإمام الحسين (ع) قُتل عطشاناُ على شط الفرات.
وكثير من الحروب كانت تندلع بين القبائل والدول على الماء خاصة في الصحراء، واليوم تظهر إلى العلن بوادر حرب بين تركيا وكُل من سوريا والعراق حول حصتهما من نهري دجلة والفرات، وبين أثيوبيا وكُل من مصر والسودان بعد تدشين سد النهضة، ولا ننسى أطماع العدو الإسرائيلي بمياه لبنان، وتعديه على مياه نهر الوزاني.
وفي لبنان كادت أن تندلع فتنة طائفية على قضية تهدد “أمن لبنان“، فبعد إجراء روتيني لوزارة الصحة تقوم به بشكل دوري وتأخذ عينات من شركات المياه المرخصة لإجراء فحوصات مخبرية في مختبرات مشهود لها بالكفاءة ومُعترف بها عالمياُ، تبين أن العينة التي أُخذت من إحدى شركات المياه اللبنانية كانت ملوثة، وصدر قرار عن وزارة الصحة بسحب منتج هذه الشركة من الأسواق خوفاً على صحة المواطنين.
ولأن لبنان بلد مُطيف، وكل أمر يرتد طائفياً، ولأن الانتخابات النيابية على الأبواب، قامت قيامة البعض على قرار وزارة الصحة، وتحول الأمر إلى اتهام وزير الصحة المسمى من قبل حزب الله باستعمال صلاحية الوزارة للنيل من القوات اللبنانية، علماً أن موقع القرار هو الوزير الدرزي في الحكومة والمسمى من قبل الحزب التقدمي الاشتراكي لوجود وزير الصحة خارج لبنان، وانهمرت تصريحات السياديين والتغييريين تنديداً بهذا الإجراء وبوزير الصحة، ولم يبق إلا إحالة هذا الإجراء على المحكمة الدولية أو طلب انعقاد مجلس الأمن وإصدار قرار بمنع هذا الإجراء تحت بند الفصل السابع.
فيا ليت مياه تنورين كانت تنبع من نهر الليطاني، أو من جبل صافي أو من أي نبع في الجنوب، فلبرما قامت قيامة الغيارى عل مياه تنورين ونددوا بالعدوان الإسرائيلي بدلاً من قيام حرب تنورين ووزارة الصحة.