أطراف أجسادٍ مقطّعةٌ، وأطرافُ وطنٍ موصولةٌ../ نادين خزعل

نائب رئيس التحرير | كاتبة ومحررة أخبار
كلنا للوطن للعلى للعلم…
هنا لبنان وعلى مساحة الـ10452 قلب واحدٌ ووريدان….
وريد ينزف ووريد يتبرع….
وريد يتألم ووريد يداوي…
وريد ينادي ووريد يلبي…
يوم أمس، تخضبت أرض الوطن بالدماء، اعتداء إسرائيلي همجي وحشي، سافر، فجّر أجهزة الـبيجر وأحال أجساد حامليها إلى أطراف مبتورة، وأياد مقطوعة، وعيون مفقأة، ووجوه على تشوهها بقيت جميلة، كيف لا، وهؤلاء أبطال صناديد ما رأوا إلا جميلًا…
أبطال، يفدون الوطن بأرواحهم، والوجه الآخر لهم هو كما الكل، آباء في بيوتهم، ومتبضعون في الأسواق، ومشاة على الطريق، وممرضون في المستشفيات، وأصحاب محال تجارية، ومدرّسون، وطلبة علم، والكل طالبو شهادة، شهادة على الجبهة، في المواجهة، والإسناد والدفاع….ولكن عدوهم غادر، غدر بهم، وبسواهم، في كل مكان وفي نفس الزمان…..
وبعد…
المشهدية الراقية التي طغت على مشهد الأطراف المقطعة، كانت أطراف الوطن الموصولة: أبناء طرابلس هبوا ولبوا النداء، وأهالي الطريق الجديدة تبرعوا بالدماء، والجبل الأشم،. والشوف، أجراس الكنائس عانقت آذان الجوامع، دم جورج سرى في شرايين محمد، ودم عمر تغلغل في شرايين علي ودم كمال أنقذ حسين….
دفّاقٌ الدّم…
خفّاقٌ العَلَم….
والكل عند المحن لبنانيون…
والوعي المجتمعي التضامني التكاتفي الوحدوي بلسم الألم، وعزز الأمل، أنْ هنا لبنان…..
لبنان المتشكل في خاصرة المتربصين وطنًا بأبنائه ولأبنائه…
الكل إما شاهد وإما شهيد…
والعدو واحد…..
الدمع لا يحرق المآقي المطفأة، واليد المبتورة الأصابع تبقى قابضة على الزناد، والأقدام المقطوعة تمشي، فالانهزام في قاموسهم منهزم منعدم، والانتصار يعلو على الانكسار….
لهم عيوننا ليروا…ونرى…
لهم أيادينا ليطلقوا…ونحيا…
لهم أقدامنا ليمشوا…ونهتدي…
رحم الله الشهداء، وشفى الجرحى…
