الانتخابات على الأبواب… فلتكن المنافسة فرصة لا فتنة!
كيف نحافظ على الروح الإيجابية داخل العائلة والبلدة في موسم الانتخابات؟
مع اقتراب موعد الانتخابات البلدية والاختيارية في لبنان، تعود مشاعر الحماسة والحسّ بالمشاركة الشعبية إلى الواجهة، لكن سرعان ما تنقلب هذه الأجواء إلى توتر وانقسام داخل العائلة الواحدة أو القرية الواحدة، حيث تمتزج السياسة بالمحسوبيات، والمصالح العائلية بالحسابات الشخصية، ما يُفقد العملية الديمقراطية جوهرها النبيل.
فكيف نحمي نسيجنا الاجتماعي من التمزّق؟ وكيف نحوّل المنافسة الانتخابية من نقطة ضعف إلى نقطة قوة؟
شروط المنافسة الإيجابية: قواعد ذهبية
لنجعل الانتخابات محطة نهوض لا انقسام، لا بدّ من الالتزام بالشروط التالية:
-
الاحترام المتبادل: مهما اختلفت اللوائح والانتماءات، يجب أن يبقى الخطاب مهذبًا واللغة راقية.
-
رفض التجييش العاطفي: لا للعصبيات العائلية أو المناطقية التي تثير الغرائز وتزرع الفتن.
-
التركيز على البرامج لا الأشخاص: المنافسة على مستوى الرؤية والخطة، لا على مستوى النكايات.
-
قبول الآخر والتنوع: احترام خيارات الآخرين يعكس نضجًا سياسيًا وثقافة ديمقراطية.
-
الابتعاد عن الشائعات: المعلومات الكاذبة سلاح جبان يدمّر النسيج الاجتماعي.
من التنازع إلى التكامل: كيف نُحوّل المنافسة إلى قوة؟
بدل أن تؤدي الانتخابات إلى انقسامات دائمة، يمكنها أن تكون فرصة للتنوع البنّاء من خلال:
-
تشجيع الحوارات العائلية والمجتمعية بين مختلف الآراء داخل البيت الواحد لتقريب وجهات النظر.
-
الاعتراف بالكفاءة، حتى لو كانت من اللائحة المنافسة، لأن الهدف هو الصالح العام.
-
فتح المجال للشباب والنساء للمشاركة بفعالية، مما يضخّ دمًا جديدًا في الحياة المحلية.
-
العمل على مشاريع موحّدة بعد الانتخابات، مهما كانت النتائج، لتعزيز مبدأ “الرابح هو البلدة”.
في قلب العائلة… نختلف بمحبة
أصعب ما في الانتخابات أنها تدخل إلى “البيت الواحد”، وتكاد تضع الأخ في مواجهة أخيه، أو الأم في حيرة بين ابنها وابن أخيها. وهنا يأتي دور الوعي العائلي والقيادات الحكيمة في تحويل المنافسة إلى مساحة تنوّع لا شرخ.
-
على الكبار أن يلعبوا دور الضابط الاجتماعي.
-
وعلى المرشحين أنفسهم أن يكونوا قدوة في الترفّع عن المهاترات.
-
وعلى الإعلام المحلي أن يتجنب الاصطفافات والتجييش.
بعد الانتخابات: لا غالب ولا مغلوب
نعم، هناك فائز وخاسر في الأرقام، لكن في المجتمعات الصغيرة، الخسارة الأكبر تكون في العلاقات لا في الصناديق. لذلك من الضروري:
-
مبادرة الفائزين لمدّ اليد للخصوم.
-
قبول الخاسرين بالنتائج بروح رياضية.
-
العمل على بناء جسور لا جدران.
الانتخابات فرصة لاختبار نضجنا الجماعي، وفرصة لإعادة صياغة العلاقة بين الأفراد والبلدة، لا تمزيقها. فلتكن المنافسة بلدية… لكنها راقية، واختيارية… لكنها موحِّدة.
