بقلم خبيرة الأطفال والمدرّبة الأستاذة رقية حسن النجار
في اليوم العالمي للصحة النفسية، نتذكر أن الاهتمام بصحة الطفل النفسية لا يقلّ أهمية عن الاهتمام بصحته الجسدية.
فالطفل الذي ينمو في بيئة آمنة، يشعر فيها بالحب والتقدير والاحتواء، هو طفلٌ قادر على بناء ذاته بثقة، والتعبير عن مشاعره بطريقة صحيّة ومتوازنة.
ما هي الصحة النفسية لدى الأطفال؟
الصحة النفسية تعني أن يكون الطفل قادرًا على التعامل مع مشاعره، وتكوين علاقات إيجابية مع من حوله، والتكيّف مع التغيّرات التي يواجهها.
إنها ليست غياب الحزن أو الغضب، بل هي القدرة على فهم هذه المشاعر والتعامل معها بطريقة سليمة.
عندما نهتم بصحة الطفل النفسية، فإننا نساعده على تطوير مهارات مثل:
الثقة بالنفس
ضبط الانفعالات
التواصل والتعبير عن المشاعر
تقبّل الآخرين والاختلاف
الاحتواء النفسي… مفتاح الأمان الداخلي
الاحتواء النفسي هو أن يشعر الطفل أن هناك من يفهمه ويصغي إليه دون حُكم.
هو تلك اليد التي تمتد في لحظة ضعف، وتقول له: “أنا معك، افهمك، وأقدّرك.”
حين يجد الطفل هذا الأمان العاطفي، يصبح أكثر هدوءًا، وأقل عرضة للتوتر أو السلوكيات السلبية.
الطفل الذي يُحتوى عاطفيًا:
يتعلّم كيف يحتوي الآخرين.
يصبح أكثر قدرة على التفكير المنطقي في المواقف الصعبة.
ينمو بشخصية متوازنة ومستقرة نفسيًا.
تأثير الاحتواء على الصحة النفسية
تشير الدراسات التربوية والنفسية إلى أن الأطفال الذين يشعرون بالدعم العاطفي من والديهم أو معلميهم، يكونون أكثر قدرة على النجاح الأكاديمي والاجتماعي.
في المقابل، غياب الاحتواء يولّد القلق، التردد، والانعزال.
كلمة واحدة مشجعة، نظرة حب، أو لحظة إنصات صادقة…
قد تغيّر حياة طفلٍ بالكامل.
لننظر إلى الأطفال بعيونٍ مليئة بالرحمة لا بالحُكم،
ولنُدرك أن خلف كل تصرّفٍ “صعب”، هناك شعور يحتاج إلى احتواء.
فالصحة النفسية تبدأ من البيت، وتنمو في المدرسة، وتزدهر في المجتمع الذي يؤمن أن الطفل ليس مجرد صغيرٍ في العمر، بل إنسانٌ كبير في الإحساس.