انتهت الحرب، نعم… سكتت أصوات القصف وتوقفت صفارات الإنذار، لكن في داخل الكثير من الأطفال ما زالت الحرب تشتعل بصمتٍ لا يُرى. انتهى الدمار في الشوارع، لكنه ما زال يسكن في العيون الصغيرة التي رأت أكثر مما تحتمل أعمارها.
الطفل الذي عاش الحرب لم يخسر بيتًا فحسب، بل خسر إحساسه بالأمان. فقد أصبح النوم كابوسًا، والضحك نادرًا، والذكريات مؤلمة. من يعيد له طفولته؟ من يعيد تلك اللحظات التي كان يجب أن يمضيها في اللعب لا في الهرب؟
إن ما بعد الحرب لا يقل قسوة عنها، فآثارها تمتد إلى النفس قبل الجسد. هؤلاء الأطفال يحتاجون إلى من يحتويهم، يسمعهم، ويمنحهم الطمأنينة. يحتاجون إلى مساحات آمنة ليتحدثوا، ليرسموا، ليعبروا عن خوفهم وحزنهم بطريقةٍ تعيد التوازن لقلوبهم الصغيرة.
السلام الحقيقي لا يُقاس بانتهاء الحرب، بل بقدرتنا على مداواة النفوس التي كسرتها.
وحتى يتحقق ذلك، سيبقى أطفال ما بعد الحرب ضحايا سلامٍ مؤجَّل…
سلامٍ ينتظر منّا أن نمنحه الحياة، لا بالكلمات، بل بالفعل والحنان.